فصل: الفصل الثاني والعشرون: ما يوجبه الوجع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.الفصل العشرون: أسباب الوجع:

أصناف الوجع التي لها أسماء هي هذه الجملة الحكّاك الخشن الناخس الضاغط الممدد المفسخ المكسر الرخو الثاقب المسقي الخدر الضرباني الثقيل الإعيائي اللاذع فهذه هي خمسة عشرجنساً.
وسبب الوجع الخشن خلط خشن.
وسبب الوجع الناخس: سبب ممدد للغشاء عرضاً كالمفرق لاتصاله وقد يكون متساوياً في الحس وقد لا يكون متساوياً.
والغير المتساوي في الحس إما لأن ما يتمدد عليه الغشاء ويلامسه غير متشابه الأجزاء في الصلابة واللين كالترقوة للغشاء المستبطن للأضلاع إذا كان الورم في ذات الجنب جاذباَ إلى أعلاه أو يكون غير متشابه الأجزاء في حركته كالحجاب لذلك الغشاء ولأن حس العضو غيره متشابه إما بالطبع وإما لأن آفة عرضت لبعض أجزائه دون بعض.
وسبب الوجع الممدّد: ريح أو خلط يمدد العصب والعضل كأنه يجذبه إلى طرفيه.
والوجع الضاغط سببه مادة تضيق على العضو المكان أو ريح تكتنفه فيكون كأنه مقبوض عليه فيضغط.
وسبب الوجع المفسّخ: هو مادة ما يتحلل من العضلة وغشائها فيمدد الغشاء ويفرق اتصال الغشاء بل العضلة.
وسبب الوجع المكسّر مادة أو ريح يتوسّط ما بين العظم والغشاء المجلّل له أو برد فيقبض ذلك الغشاء بقوّة.
وسبب الوجع الرخو: مادة تمدد لحم العضلة دون وترها وإنما سمي رخواً لأن اللحم أرخى من العصب والوتر والغشاء.
وسبب الوجع الثاقب: هو مادة غليظة أو ريح تحتبس فيما بين طبقات عضو صلب غليظ كجرم معي قولون ولا يزال يمزّقه وينفذ فيه فيحسّ كأنه يثقب بمثقب.
وسبب الوجع المسلّي: تلك المادة بعينها في مثل ذلك العضو إلا أنها محتبسة وقت تمزيقها.
وسبب الوجع الخدر: إما مزاج شديد البرد وإما انسداد مسام منافذ الروح الحساس الجاري إلى العضو بعصب أو امتلاء أوعية.
وسبب الوجع الضرباني: ورم حار غير بارد إذ البارد كيف كان صلباً أو ليناً فإنه لا يوجع إلا أن يستحيل إلى الحار وإنما يحدث الوجع الضرباني من الورم الحار على هذه الصفة إذا حدث ورم حار وكان العضو المجاور له حسّاساً وكان بقربه شريانات تضرب دائماً لكنه لما كان ذلك العضو سليماً يحس بحركة الشريان في غور فإذا ألم وورم صار ضربانه موجعاً.
وسبب الوجع الثقيل: ورم في عضو غير حساس كالرئة والكلية والطحال فإن ذلك الورم لثقله ينجذب إلى أسفل فيجذب العضو باللفافة والغلافة بانجذابه إلى أسفل أو ورم في عضو حساس إلا أن نفس الألم قد أبطل حس العضو مثل السرطان في فم المعدة فإنه يحس بثقله ولا يوجع وسبب الوجع الاعيائي إما تعب فيسمى ذلك الوجع إعياء تعبيا وإما خلط ممدد ويسمى ما يحدث عنه الإعياء التمددي وإما ريح ويسمى ما يحدث عنه الإعياء النافخ وإما خلط لاذع ويسمى ما يحدث عنه الاعياء القروحي ويتركب منها تراكيب كما نبينها في الموضع الأخص بها.
ومن جملة المركب الإعياء المعروف بالبورقي وهو مركب من تمددي ومن قروحي.
والوجع اللاذع: هو من خلط له كيفية حادة.

.الفصل الحادي والعشرون: أسباب سكون الوجع:

سبب سكون الوجع: إما ما يقطع السبب الموجب إياه ويستفرغه كالشبت وبزر الكتان إذا ضمد به الموضع الألِمُ وإما ما يرطب وينوم فتغور القوة الحسية ويترك فعلها كالمسكرات وإما مايبرد فيخدر مثل جميع المخدرات والمسكن الحقيقي هو الأول.

.الفصل الثاني والعشرون: ما يوجبه الوجع:

الوجع يحل القوة ويمنع الأعضاء عن خواص أفعالها حتى يمنع المتنفس عن التنفس أو يشوش عليه فعله أو يجعله متقطعاً أو متواتراً وبالجملة على مجرى غير الطبيعي وقد يسخن العضو أولاً ثم يبرده أخيراً بما يحلل وبما يهزم من الروح والحياة.

.الفصل الثالث والعشرون: أسباب اللذة:

هذه أيضاً محصورة في جنسين: أحدهما: جنس ما يغير المزاج الطبيعي دفعة ليقع به الإحساس.
والثاني: جنس ما يرد الاتصال الطبيعي دفعة وكل ما يقع لا لدفعه فإنه لا يحس فلا يلذ.
واللذة حس بالملائم وكل حسّ فهو بالقوة الحساسة ويكون الإحساس بانفعالها فإذا كان بملائم أو بمناف كان لذة أو ألماً بحسب ما يتأثر.
ولما كان اللمس أكثف الحواس وأشدها استحفاظ لما قبله من تأثير مناف أو ملائم كان إحساسه الملائم عند ذوي الطبيعة الكثيفة أشد إلذاذاً وإحساسه المنافي أشد إيلاماً من الذي يخص قوي آخر.

.الفصل الرابع والعشرون: كيفية إيلام الحركة:

.الفصل الخامس والعشرون: كيفية إيلام الاخلاط الرديئة:

الأخلاط الرديئة توجع إما بكيفيتها كما تلذع أو بكثرتها كما تمدد أو باجتماع الأمرين جميعاً.

.الفصل السادس والعشرون: كيفية إيلام الرياح:

الريح تؤلم بالتمديد.
والريح الممددة إما أن تكون في تجاويف الأعضاء وبطونها كالنفخة في المعدة أو في طبقات الأعضاء.
وليفها كما في القولنج الريحي أو في طبقات العضل أو تحت الأغشية وفوق العظام أو حول العضل بينها وبين اللحم والجلد أو مستبطناً العضو كما يستبطن عضل الصدر وسرعة انفشاشه أو طول لبثه وهو بحسب كثرة مادته وقلتها وغلظ مادته ورقتها واستحصاف للعضو تخلخله فحسب.

.الفصل السابع والعشرون: أسباب ما يحبس ويستفرغ:

الاحتباس والاستفراغ يسهل الوقوف عليهما من تأمل ما قلناه في الاحتباس والاستفراغ فليطلب.

.الفصل الثامن والعشرون: أسباب التخمة والامتلاء:

هذه إما من خارج ومن البادية فمثل استعمال ما يشتد ترطيبه فلا يفتقر البدن إلى ترطيب المأكول والمشروب فإذا اجتمعا معاً كثرت المادة في البدن وفسد بصرف الطبع فيها مثل الاستكثار من الحمام وخصوصاً بعد الطعام وموانع التحليل مثل الدعة وترك الرياضة والاستفراغ والترفه في المأكول والمشروب وسوء التدبير وإما من داخل فهو مثل ضعف القرة الهائمة فلا يهضم أو ضعف الدافعة أو قوة الماسكة فتنحصر الأخلاط ولا تندفع أو ضيق المجاري.

.الفصل التاسع والعشرون: أسباب ضعف الأعضاء:

إما أن يكون سبب الضعف وارداً على جرم العضو أو على الروح الحامل للقوة المتصرفة في العضو أو على نفس القوة.
والذي يكون السبب فيه خاصاً بالعضو فإما سوء مزاج مستحكم وخصوصاً البارد على أن الحار قد يفعل بما يضعف فعل البارد في الإخدار لإفساده مزاج الروح كما يعرض لمن أطال المقام في الحمام بل لمن غشي عليه.
واليابس يمنع القوى عن النفوذ بتكثيفه والرطب بإرخائه وسدّه.
وأما مرض من أمراض التركيب والأخص منه بما يكون الإنسان معه غير ظاهر الأذى والمرض.
والألم هو تهلهل تشنج ذلك العضو في عصبه إذا كانت الأفعال الطبيعية كلها والإرادية تتم بالليف وتأليفه.
والهضم أيضاً مفتقر إلى الإمساك الجيد على هيئة جيّدة وذلك بالليف.
والذي يكون السبب فيه خاصاً بالروح فهو إما سوء مزاج وإما تحلّل باستفراغ يخصه أو يكون على سبيل اتباع لاستفراغ غيره.
والذي يختص بالقوة فكثرة الأفعال وتكرّرها فإنها توهن القوة وان كان قد يصحب ذلك تحلّل الروح على سبيل صحبة سبب لسبب فإذا أعددنا الأسباب على جهة أخرى وأوردنا فيها الأسباب البعيدة التي هي أسباب للأسباب الملاصقة فيحدث منها أسباب سوء المزاج ومنها فساد الهواء والماء والمأكل ومنها ما يفزع الروح أولاً مثل النتن وأسن الماء وانتشار القوى السمية في الهواء أو في البدن.
ومن جملة أسباب الضعف ما يتعلق بالاستفراغ مثل نزف الدم والإسهال خصوصا في رقيق الأخلاط وبزل مائية الاستسقاء إذا أرسل منها شيء كثير دفعه وربط الدبيلة الكثيرة إذا سال منها مدَة كثيرة دفعة وكذلك إذا انفجرت بنفسها والعرق الكثير والرياضة المفرطة والأوجاع أيضاً فإنها تحلّل الروح وإن كان قد تغير المزاج ومن جملة هذه الأوجاع ما هو أكثر تأثيراً مثل وجع فم المعدة كان ممدداً أو لاذعاً أو جزء عضو وكل وجع يقرب من نواحي القلب والحميات مما يضعف بالتحليل والاستفراغ من البدن والروح وتبديل المزاج وسعة المسام من المعاون على حدوث الضعف التحللي.
والجوع الكثير من هذا القبيل.
وربما كان ضعف البدن كله تابعاً لضعف عضو آخر مثل ضعف البدن بأذى يصيب فم المعدة حتى تنحل قوته وحين يكون قلبه ودماغه شديد الإنفعال من المؤذيات اليسيرة فيكون هذا الإنسان سريع الانحلال والضجر من أدنى شيء.
وربما كان سبب الضعف كثرة مقاساة الأمراض وقد يكون بعض الأعضاء في الخلقة أضعف من بعض أو أضعف من غيره كالرئة والدماغ فيكون قبولاً لما يدفعه القويّ في الخلقة عن نفسه ولو لم يخص الدماغ بارتفاع موضعه لكان يمنى من هذه الأسباب بما لا يطيق ولا يبقى معه قوة فاعلم جميع ذلك.

.التعليم الثالث: الأعراض والدلائل:

وهو أحد عشر فصلا وجملتان:

.الفصل الأول: كلام كلي في الأعراض والدلائل:

الأعراض والعلامات التي تدل على إحدى الحالات الثلاث المذكورة إحدى ثلاث دلالات: إما على أمر حاضر قال جالينوس: وينتفع به المريض وحده فيما ينبغي أن يفعل.
وإما على أمر ماض قال جالينوس: وينتفع به الطبيب وحده إذ قد يستدلّ بذلك على تقدمه في صناعته فتزداد الثقة بمشورته.
وإما على أمر مستقبل قال: وينتفعان به جميعاً.
أما الطبيب فيستدل به على تقدمه في المعرفة وأما المريض فيقف منه على واجب تدبيره.
والعلامات الصحيّة: منها ما يدل على اعتدال المزاج وسنذكره في موضعه ومنها ما يدل على استواء التركيب فمنها جوهرية وهي مثل أن تكون الخلقة والوضع والمقدار والعدد على ما ينبغي وقد فصلت هذه الأقوال ومنها عرضية بمنزلة الحسّ والجمال ومنها تمامية وهي من تمام الأفعال واستمرارها على الكمال وكل عضو تم فعله فهو صحيح.
ووجه الاستدلال من الأفعال على الأعضاء الرئيسة أما على الدماغ فبأحوال الأفعال الإرادية وأفعال الحس وأفعال التوهم وأما على القلب فبالنبض والنفس وأما على الكبد فبالبراز والبول فإن ضعفها يتبعها براز وبول شبيهان بغسالة اللحم الطري.
والأعراض الدالة على الأمراض: منها دالة على نفس المرض كاختلاف النبض في السرعة في الحمى فإنه يدل على نفس الحمى ومنها دالة على مرض الموضع كالنبض المنشاري إذا كان الوجع في نواحي الصدر فإنه يدل على أن الورم في الغشاء والحجاب وكالنبض الموجي في مثله فإنه يدل على أن الورم في جرم الرئة ومنها دالة على سبب المرض كعلامات الإمتلاء باختلاف أحوالها الدال كل فن منها على فن من الإمتلاء.
الأعراض.
منها ما هي مؤقتة يبتدىء وينقطع مع المرض كالحمى الحادة والوجع الناخس وضيق النفس والسعال والنبض المنشاري مع ذات الجنب ومنها ما ليس له وقت معلوم فتارة يتبع المرض وتارة لا يتبع مثل الصداع للحمى ومنها ما يأتي آخر الأمر فمن ذلك علامات البحران ومن ذلك علامات النضج ومن ذلك علامات العطب وهذه أكثرها في الأمراض الحادة.
منها ما يدل في ظاهر الأعضاء وهي مأخوذة إما عن المحسوسات الخاصة مثل أحوال اللون وأحوال اللمس في الصلابة واللين والحر والبرد وغير ذلك وإما عن المحسوسات المشتركة وهي المأخوذة من خلق الأعضاء وأوضاعها وحركاتها وسكوناتها وربما دلّ ذلك منها على الأحوال الباطنة مثل اختلاج الشفة على القيء ومقاديرها هل زادت أو نقصت وأعدادها وربما دل ذلك منها على أحوال أعضاء باطنة مثل قصر الأصابع على صغر الكبد.
والاستدلال من البراز هل هو أسود أو هو أبيض أو أصفر على ماذا يدلّ بَصَري.
ومن القراقر على النفح وسوء الهضم سمعِي.
ومن هذا القبيل الاستدلال من الروائح ومن طعوم الفم وغير ذلك والاستدلال من تحدب الظفر على السل.
والدقّ بصري ولكن من باب المحسوسات المشتركة.
وقد يدلّ المحسوس الظاهر منها على أمر باطن كما تدل حمرة الوجنة على ذات الرئة وتحدّب الظفر على قرحة الرئة.
والاستدلال من الحركات والسكونات مما يقتضي فضل بسط نبسطه.
فالأعراض المأخوذة من باب السكون هي مثل السكتة والصرع والغشي والفالج.
والمأخوذة من باب الحركة فهي مثل القشعريرة والنافض والفواق والعطاس والتثاؤب والتمطي والسعال والاختلاج والتشنج عندما يبتدىء بتشنج فمن ذلك ما هو عن فعل الطبيعة الأصلية كالفواق ومن ذلك ما هو عن فعل طبيعة عارضة كالتشنج والرعشة.
ومنها ما هي إرادية صرفة لقلق والململة ومنها ما هي مركبة من طبيعية وارادية مثل السعال والبول فمن ذلك ما يسبق فيه الإرادة الطبيعة مثل السعال ومنها ما يسبق فيه الطبيعة الإرادة إذا لم تبادر إليها الإرادة مثل البول والبراز والعارض عن الطبيعة دون إرادة.
ومنها ما يكون المنبه عليه الحس كالقشعريرة ومنها ما لا ينبه عليه الحس لأنه لا يحسّ كالاختلاخ.
وهذه الحركات تختلف إما باختلاف ذواتها فإن السعال أقوى في نفسه من الاختلاج وإما باختلاف عدد المحرِّكات فإن العطاس أكثر عدد محركات من السعال لأن السعال يتم بتحريك أعضاء الصدر وأما العطاس فيتم باجتماع تحريك أعضاء الصدر والرأس جميعاً.
وإما بمقدار الخطر فيها فإن حركة الفواق اليابس أعظم خطراً من حركة السعال وإن كان السعال أقوى.
وإما بما تستعين به الطبيعة فقد تستعين بآلة ذاتية أصلية كما تستعين في إخراج الثفل بعضل البطن وقد تستعين بآلة غريبة كما تستعين في السعال بالهواء وإما باختلاف المبادىء لها من الأعضاء مثل السعال والتهوّع وإما باختلاف القوى الفعالة فإن الاختلاج مبدؤه طبيعي والسعال نفساني.
وإما باختلاف المادة فإن السعال عن نفث والاختلاج عن ريح فهذه علامات تدل من ظاهر الأعضاء.
وأكثر دلالتها على أحوال ظاهرة وقد تدل على الباطنة كحمرة الوجنة على ذات الرئة.
ومن العلامات علامات يستدل بها على الأمراض الباطنة وينبغي أن يكون المستدل على الأمراض الباطنة قد تقدّم له العلم بالتشريح حتى يحصل منه معرفة جوهر كل عضو أنه هل هو لحمي أو غير لحمي وكيف خلقته ليعرف مثلاً أنه هل هذا الورم بهذا الشكل فيه أو في غيره من جهة أنه هل هو مناسب لشكله أو غير مناسب.
ويتعرّف أنه هل يجوز أن يحتبس فيه شيء أو لا يجوز إذ هو مزلق لما يحصل فيه كالصائم وإن كان يجوز أن يحتبس فيه شيء أو يزلق عنه شيء فما الشيء الذي يجوز أن يحتبس فيه أو يزلق عنه وحتى يعرف موضعه فيقضي بذلك على ما يحس من وجع أو ورم هل هو عليه أو على بعد منه وحتى يعرف مشاركته حتى يقضي على أن الوجع له من نفسه أو بالمشاركة وأن المادة انبعثت منه نفسه أو وردت عليه من شريكه وأن ما انفصل منه هو من جوهره أو هو ممرّ ينفذ فيه المنفصل من غيره وحتى يعرف أن على ماذا يحتوي فيعرف أنه هل يجوز أن يكون مثل المستفرغ مستفرغاً عنه وأن يعرف فعل العضو حتى يستدلّ على مرضه من حصول الآفة في فعله هذا كله مما يوقف عليه بالتشريح ليعلم أنه لا بد للطبيب المحاول تدبير أمراض الأعضاء الباطنة من التشريح فإذا حصل له علم أولها: من مضار الأفعال وقد علمت الأفعال بكيفيتها وكميتها ودلالتها دلالة أولية دائمة.
والثاني: مما يستفرغ ودلالتها دائمة وليست بأولية أما دائمة فلأنها توقع التصديق دائماً وأما غير أولية فلأنها تدل بتوسط النضج وعدم النضج.
والثالث: من الوجع والرابع: من الورم والخامس: من الوضع والسادس: من الأعراض الظاهرة المناسبة.
ودلالتها ليست بأولية ولا دائمة ولنفصل القول في واحد واحد مها.
أما الاستدلال من الأفعال فهو أنه إذا لم يجر فعل العضو على المجرى الطبيعي الذي له دلّ على أن القوة أصابتها آفة.
وآفة القوة تتبع مرضاً في العضو الذي القوة فيه.
ومضار الأفعال على وجوه ثلاثة فإن الأفعال إما أن تنقص كالبصر تضعف رؤيته فيرى الشيء أقل اكتناهاً ومن أقرب مسافة والمعدة تهضم أعسر وأبطأ وأقل مقداراً وإما أن يتغير كالبصر يرى ما ليس أو يرى الشيء رؤية على غير ما هو عليه وكالمعدة تفسد الطعام وتسيء هضمه.
وإما أن تبطل كالعين لا ترى والمعدق لا تهضم البتة.
وأما دلائل ما يستفرغ ويحتبس فمن وجوه إما أن يدل من طريق احتباس غير طبيعي مثل احتباس شيء من شأنه أن يستفرغ لمن يحتبس بوله أو برازه أو يدل من طريق استفراغ غير طبيعي وذلك: إما لأنه من جوهر الأعضاء وإما لا.
كذلك والذي يكون من جوهر الأعضاء فيدل بوجوه ثلاثة لأنه: إما أن يدل بنفس جوهره كالحلق المنفوثة تدل على تآكُلٍ في قصبة الرئة وإما أن يدل بمقداره كالقشرة البارزة في السحج فإنها إن كانت غليظة دلت على أن القرحة في الأمعاء الغلاظ.
أو رقيقة دلت على أنها في الرقاق.
وإما أن يدل بلونه كالرسوب القشري الأحمر فإنه يدل على أنه من الأعضاء اللحمية كالكلية والأبيض.
فإنه يدل على أنه من الأعضاء العصبية كالمثانة.
والذي يدلّ على أنه لا من جوهر الأعضاء فيدلّ إما لأنه غير طبيعي الخروج كالأخلاط السليمة والدم إذا خرج وإما لأنه غير طبيعي الكيفية كالدم الفاسد كان معتاد الخروج أو لم يكن وإما لأنه غير طبيعي الجوهر على الإطلاق مثل الحصاة.
وإما لأنه غير طبيعي المقدار وإن كان طبيعي الخروج وذلك إما بأن يقل أو يكثر كالثفل والبول القليلين والكثيرين وإما لأنه غير طبيعي الكيفية وإن كان معتاد الخروج كالبراز والبول الأسودين وإما لأنه غير طبيعي جهة الخروج وإن كان معتاد الخروج مثل البراز إذا خرج في علّةإيلاوس من فوق.
وأما دلائل الوجع فهي تنحصر في جنسين: وذلك أن الوجع إما أن يدلّ بموضعه فإنه مثلاً إن كان عن اليمين فهو في الكبد وإن كان في اليسار فهو في الطحال.
وقد يدل بنوعه على سببه على ما فصلناه في تعليم الأسباب مثلاً إن كان ثقيلاً دلّ على ورم في عضو غير حساس أو باطل حسه والممدد يدل على مادة كثيرة واللذاع على مادة حادة.
وأما دلائل الورم فمن ثلاثة أوجه: إما من جوهره كالحمرة على الصراء والصلب على السوداء وإما من موضعه كالذي يكون في اليمين فيدل مثلاً على أنه عند الكبد أو في اليسار فيدل على أنه في ناحية الطحال وإما بشكله فإنه إن كان عند اليمين وكان هلالياً دل على أنه في نفس الكبد وإن كان مطاولاً دل على أنه في العضلة التي فوقها.
وأما دلائل الوضع فإما من المواضع وإما من المشاركات.
أما من المواضع فظاهر.
وأما من المشاركات فكما يستدلّ على ألم في الأصبع من سبب سابق أنه لآفة عارضة في الزوج السادس من أزواج العصب الذي للعنق.